أثر ثورة المعرفة التكنولوجية في الإعلامالإعلام بمختلف وسائله أيها الحضور الكرام هو ظاهرة اجتماعية تطورت مع تطور المجتمعات البشرية حتى وصل في أيامنا هذه الى ما يعرف بالمعجزة الإعلامية ، وقد تغير مفهوم الإعلام ووظيفته كوسيلة اتصال لنقل الأخبار والمعلومات والترويج والدعاية الى وسيلة دمار وتخريب واستعمار وغزو ثقافي ومعرفي للشعوب ما لم يستخدم لغاياته الأساسية ..2. لقد مرّت الظواهر الاجتماعية بشكل عام والإعلام بشكل خاص بعصور تاريخية يمكن إجمالها بما يلي: أ. عصر العلامات والإشارات .ب. عصر التخاطب واللغة .جـ. عصر الكتابة .د. عصر الطباعة .هـ. عصر الإعلام .و. عصر المعلوماتية .2. دعونا أيها الحضور الكرام نعود وإياكم الى القرن الميلادي التاسع عشر حيث ساعدت ثلاثة اختراعات في ذلك الحين على تعزيز القدرة الاتصالية ، وهذه الاختراعات هي : أجهزة النقل الرئيسية كالخطوط الحديدية .. وظهور التلغراف الذي مكن الإنسان ممن تلقي 20 كلمة في الدقيقة وفق إشارات مورس .. ثم كان اختراع الهاتف من قبل الكسندر غراهام بيل .. لكن الاتصال الأهم في عالم الاتصال كان الموجات التي تحمل نقلاً صوتياً لمسافات طويلة في الهواء دون استخدام الأسلاك ، وأصبح بإمكان الجميع الاستماع الى الرسائل بواسطة الراديو .. وأصبحت الأحداث تنقل الى أي بقعة في العالم لكل البشر .. 17.الفضائيات:ازداد نطاق استخدام الفضائيات على نحو كبير ملحوظ مما جعل حرب تكنولوجيا الاتصالات الحديثة على أشدها وهي التي غطت حرب الخليج الثانية عبر السي ان ان التي لم يكن لها منافس والتي قامت بهذه الحرب مع محطة (الفوكس نيوز ) بالعمل نفسه إلا أنها وجدت منافساً قوياً جداً في الفضائيات العربية وعلى رأسها الجزيرة والعربية وأبو ظبي 2. احتكار الاعلام : يتجلى احتكار الإعلام من خلال الاستحواذ على الوسائل والمواد وفرض الهيمنة الاتصالية المطلقة ، ولو نظرنا الى وكالات الأنباء العالمية لوجدنا أن أربع وكالات كبرى تتحكم في السوق الإعلامية وهي : (الأسيوشيتدبرس ، الفرنسية ، رويترز ، واليونايتد برس ) ، حيث تحتكر هذه الوكالات نحو 90 % من الأخبار العالمية، وهذه الوكالات لها مصادر و شبكات هائلة من بنوك المعلومات والتمويل المادي الهائل في عصر التقدم التقني الذي لم تبلغه دول العالم الثالث بعد ، مما أمعن في فرض الهيمنة الإعلامية ثم الثقافية على هذه الدول (بوجمعة، 2017). 3. ولو تساءلنا أين نحن كعرب أمام هذا الاحتكار الإعلامي لقلنا أننا للأسف ما زلنا في بداية الطريق ، والسبب لا يكمن في تقنية المعلومات ووسائل الاتصال بقدر ما يمكن في فلسفة وأطر آليات عمل الإعلام العربي ، فهو إعلام مكرس للشخصنة ومدح الذات وإيقاع الفتنة .. كما أنه إعلام " متلق " وليس " مبادر " إذ لا تتجاوز نسبة حصة العرب من الصحف 1,4 من الصحافة العالمية مع أن عدد سكان العرب يشكلون نحو 17% من عدد سكان الكرة الأرضية .. حيث يحصل كل 1000 عربي على أقل من 39 صحيفة .. في حين يحصل كل 1000 شخص في دول العالم المتقدم على 330 صحيفة . أما حصة العرب من المواد المطبوعة فتشكل 0,6% ومن الأفلام 1،8% .. ومن المذياع 2,8 %.. والتلفزة 2,7 % .5. تغطي مساحة الأمية ما نسبة 55 % من السكان العرب .. وهي نسبة محيدة حيال الاعلام المقروء .. وهذه النسبة تتجه الى الاعلام المسموع والمرئي .6. لأول مرة في تاريخ البشرية يتحكم منتج تقنيات الاعلام الحديثة بعملية تشكيل الوعي المحلي والعالمي .. فبحكم الهوة التكنولوجية بين العالم المتقدم والعالم المتخلف بات في إمكان شطر من البشرية ان يتحكم في تشكيل وعي البشرية بأسرها .. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التطور الحاصل في تقنية البث التلفزيوني والإذاعي وشبكات الكمبيوتر والإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية لتبين لنا كيف تقوم وسائل الإعلام الأجنبية هذه بإحكام طوق التبعية الإعلامية على نحو لم يسبق له مثيل على مجمل الوطن العربي والعمل على انهيار كل سدود الأمن الإعلامي العربي القومي والقطري معاً بشكل مدوٍ ومن ثم دس السم في المادة المبثوثة ومحاولة طرح قيم وأفكار جديدة تصب في معظمها في صالح الاحتكارات الأجنبية ، والوطن العربي سوقاً استهلاكية على الصعد الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة ، ومن هنا جاء تركيز الدول على الإعلام أكثر من تركيزها على السلاح (الجمال، 2000). 1- العولمة الإعلامية والنظام الإعلامي الجديد . مع تعاظم ثورة الاتصالات وتحويل الكرة الأرضية الى قرية كونية صغيرة غاب فيها حاجز الزمان والمكان .. وظهر في أواخر القرن العشرين مصطلحان : (العولمة GLOBALIZATION ) و ( التدويل INTERNATIONAL ) .. أما العولمة فتعني " سياسة أو سلوك على المستوى العالمي " ،وفي معنى آخر "السياسة الكونية "، ويقال أيضاً " الكوكبة " و" الكوننة " وما إلى ذلك .. وهي مفاهيم تتقارب مع المصطلح الآخر " التدويل " الذي يقصد به كل ما هو أممي أو غير قومي .لقد قاد المفهوم الذي استحدثه العالم الكندي لوهان وأطلق عليه تسمية أخرى "القرية الكونية " ـ وتنبأ من خلاله تراجع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها مع فيتنام ، إذ أن تصوير تلك الحرب وبثها تلفزيونياً الى القرية الكونية الصغيرة جعل الرأي العام العالمي والأمريكي يتنبه الى الجوانب الأخرى لتلك الحرب وجهها البشع ـ الى جعل الولايات المتحدة الأمريكية تسحب جيشها من فيتنام عام 1973 (المشاقبة، 2010). ويقوم مفهوم العولمة الإعلامية حسب وجهة النظر الأمريكية على أن تتولى الولايات المتحدة الأمريكية المهمة لتقدم للعالم نموذجها الكوني للحداثة الذي تفرض من خلاله رؤاها وانماط عيشها وآيديولوجياتها الى العالم و" تنميطه " بها انطلاقاً من كونها تملك القوة العسكرية الأعظم و تسيطر على نحو 65 % من من التدفقات الإعلامية في ذلك الوقت ( 1977 ـ 1980 ) الذي أطلق عليه بريجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر اسم العصر " التكنوتروني " الذي يعني عصر تكنولوجيا الإلكترونيات وفي مقدمتها تقنية الاتصالات . وتجد دول العالم الثالث نفسها في كثير من الأحيان مضطرة الى الاستسلام لشروط العولمة ذلك لأنها مضطرة الى اللحاق بركب قطار المعرفة والتقدم التقني السريع والقبول بتبعية القطب الأقوى .. ومن هنا نلاحظ التحول الخطير في الأداء الإعلامي الذي يخدم العادات الاستهلاكية على حساب العادات والقيم والمبادئ .. فعلى سبيل المثال تنحاز كبرى وسائل الإعلام لمن يدفع أكثر فتروج له وتوجه الرأي العام لصالحه طالما أنها تسيطر وتوجه التدفق الإعلامي الى النهايات التي تريدها .. ولكن ذلك لا يعني في النهاية أن العولمة ـ بأشكالها المختلفة السياسية والفكرية والاقتصادية والاعلامية ـ تيار جارف لا يمكن ايقافه .. فهذا التيار يسير باتجاه حلزوني وليس مستقيم ذلك ان التحولات الاجتماعية والثقافية تأخذ فترات طويلة وتتم على مراحل متعددة ، والتغيير في العولمة يتم أيضاً على مراحل مما يوجد نوعاً من التداخل والمقاومة (أبو عرجة، 1996). لقد ترافق العولمة الإعلامية في هذا العصر معظم الحملات الاقتصادية والسياسية والفكرية فهي التي تسبقه لتروج له .. وهي التي تتعامل معه على المستويات التكتيكية التعبوية .. وهي التي ستعزز نتائجه فيما بعد .ويبدو أن ملامح النظام الإعلامي الجديد قد بدأت تتضح أكثر وأكثر مع تقدم قطار العلم والمعرفة .. فقد تجلت مظاهر هذا النظام الإعلامي الجديد فيما يلي :أ. السيطرة على تقنيات وسائل الاتصال وتوظيفها لصالح كبريات وكالات الإعلام الفضائية .ب. أن تقوم هذه الوكالات العالمية باحتكار المعلومة والادعاء بامتلاك الحقيقة "الضحية الأولى للحروب " .جـ. التبعية الإعلامية التي ستقود في النهاية الى التبعية الثقافية والاقتصادية والسياسية .د. التركيز على الخطر غير المرئي .. هذا الخطر الذي لا يمكن انتظاره ليأتينا عبر البحر أو البر .. بل إنه يأتي من الفضاء دون الخضوع لقوانين الرقابة لدى الدول والحكومات .هـ. إبقاء المشاهدين مأسورين لشاشات التلفاز وشاشات اجهزة الحاسب "الكمبيوتر " يستعرضون المحطات والوكالات ومواقع الإنترنت المتعددة (الموسى، 2016). نقيب مبرمج: ايمان احمد ذيابكلية القيادة والاركان الملكية
أثر ثورة المعرفة التكنولوجية في الإعلامالإعلام بمختلف وسائله أيها الحضور الكرام هو ظاهرة اجتماعية تطورت مع تطور المجتمعات البشرية حتى وصل في أيامنا هذه الى ما يعرف بالمعجزة الإعلامية ، وقد تغير مفهوم الإعلام ووظيفته كوسيلة اتصال لنقل الأخبار والمعلومات والترويج والدعاية الى وسيلة دمار وتخريب واستعمار وغزو ثقافي ومعرفي للشعوب ما لم يستخدم لغاياته الأساسية ..2. لقد مرّت الظواهر الاجتماعية بشكل عام والإعلام بشكل خاص بعصور تاريخية يمكن إجمالها بما يلي: أ. عصر العلامات والإشارات .ب. عصر التخاطب واللغة .جـ. عصر الكتابة .د. عصر الطباعة .هـ. عصر الإعلام .و. عصر المعلوماتية .2. دعونا أيها الحضور الكرام نعود وإياكم الى القرن الميلادي التاسع عشر حيث ساعدت ثلاثة اختراعات في ذلك الحين على تعزيز القدرة الاتصالية ، وهذه الاختراعات هي : أجهزة النقل الرئيسية كالخطوط الحديدية .. وظهور التلغراف الذي مكن الإنسان ممن تلقي 20 كلمة في الدقيقة وفق إشارات مورس .. ثم كان اختراع الهاتف من قبل الكسندر غراهام بيل .. لكن الاتصال الأهم في عالم الاتصال كان الموجات التي تحمل نقلاً صوتياً لمسافات طويلة في الهواء دون استخدام الأسلاك ، وأصبح بإمكان الجميع الاستماع الى الرسائل بواسطة الراديو .. وأصبحت الأحداث تنقل الى أي بقعة في العالم لكل البشر .. 17.الفضائيات:ازداد نطاق استخدام الفضائيات على نحو كبير ملحوظ مما جعل حرب تكنولوجيا الاتصالات الحديثة على أشدها وهي التي غطت حرب الخليج الثانية عبر السي ان ان التي لم يكن لها منافس والتي قامت بهذه الحرب مع محطة (الفوكس نيوز ) بالعمل نفسه إلا أنها وجدت منافساً قوياً جداً في الفضائيات العربية وعلى رأسها الجزيرة والعربية وأبو ظبي 2. احتكار الاعلام : يتجلى احتكار الإعلام من خلال الاستحواذ على الوسائل والمواد وفرض الهيمنة الاتصالية المطلقة ، ولو نظرنا الى وكالات الأنباء العالمية لوجدنا أن أربع وكالات كبرى تتحكم في السوق الإعلامية وهي : (الأسيوشيتدبرس ، الفرنسية ، رويترز ، واليونايتد برس ) ، حيث تحتكر هذه الوكالات نحو 90 % من الأخبار العالمية، وهذه الوكالات لها مصادر و شبكات هائلة من بنوك المعلومات والتمويل المادي الهائل في عصر التقدم التقني الذي لم تبلغه دول العالم الثالث بعد ، مما أمعن في فرض الهيمنة الإعلامية ثم الثقافية على هذه الدول (بوجمعة، 2017). 3. ولو تساءلنا أين نحن كعرب أمام هذا الاحتكار الإعلامي لقلنا أننا للأسف ما زلنا في بداية الطريق ، والسبب لا يكمن في تقنية المعلومات ووسائل الاتصال بقدر ما يمكن في فلسفة وأطر آليات عمل الإعلام العربي ، فهو إعلام مكرس للشخصنة ومدح الذات وإيقاع الفتنة .. كما أنه إعلام " متلق " وليس " مبادر " إذ لا تتجاوز نسبة حصة العرب من الصحف 1,4 من الصحافة العالمية مع أن عدد سكان العرب يشكلون نحو 17% من عدد سكان الكرة الأرضية .. حيث يحصل كل 1000 عربي على أقل من 39 صحيفة .. في حين يحصل كل 1000 شخص في دول العالم المتقدم على 330 صحيفة . أما حصة العرب من المواد المطبوعة فتشكل 0,6% ومن الأفلام 1،8% .. ومن المذياع 2,8 %.. والتلفزة 2,7 % .5. تغطي مساحة الأمية ما نسبة 55 % من السكان العرب .. وهي نسبة محيدة حيال الاعلام المقروء .. وهذه النسبة تتجه الى الاعلام المسموع والمرئي .6. لأول مرة في تاريخ البشرية يتحكم منتج تقنيات الاعلام الحديثة بعملية تشكيل الوعي المحلي والعالمي .. فبحكم الهوة التكنولوجية بين العالم المتقدم والعالم المتخلف بات في إمكان شطر من البشرية ان يتحكم في تشكيل وعي البشرية بأسرها .. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التطور الحاصل في تقنية البث التلفزيوني والإذاعي وشبكات الكمبيوتر والإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية لتبين لنا كيف تقوم وسائل الإعلام الأجنبية هذه بإحكام طوق التبعية الإعلامية على نحو لم يسبق له مثيل على مجمل الوطن العربي والعمل على انهيار كل سدود الأمن الإعلامي العربي القومي والقطري معاً بشكل مدوٍ ومن ثم دس السم في المادة المبثوثة ومحاولة طرح قيم وأفكار جديدة تصب في معظمها في صالح الاحتكارات الأجنبية ، والوطن العربي سوقاً استهلاكية على الصعد الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة ، ومن هنا جاء تركيز الدول على الإعلام أكثر من تركيزها على السلاح (الجمال، 2000). 1- العولمة الإعلامية والنظام الإعلامي الجديد . مع تعاظم ثورة الاتصالات وتحويل الكرة الأرضية الى قرية كونية صغيرة غاب فيها حاجز الزمان والمكان .. وظهر في أواخر القرن العشرين مصطلحان : (العولمة GLOBALIZATION ) و ( التدويل INTERNATIONAL ) .. أما العولمة فتعني " سياسة أو سلوك على المستوى العالمي " ،وفي معنى آخر "السياسة الكونية "، ويقال أيضاً " الكوكبة " و" الكوننة " وما إلى ذلك .. وهي مفاهيم تتقارب مع المصطلح الآخر " التدويل " الذي يقصد به كل ما هو أممي أو غير قومي .لقد قاد المفهوم الذي استحدثه العالم الكندي لوهان وأطلق عليه تسمية أخرى "القرية الكونية " ـ وتنبأ من خلاله تراجع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها مع فيتنام ، إذ أن تصوير تلك الحرب وبثها تلفزيونياً الى القرية الكونية الصغيرة جعل الرأي العام العالمي والأمريكي يتنبه الى الجوانب الأخرى لتلك الحرب وجهها البشع ـ الى جعل الولايات المتحدة الأمريكية تسحب جيشها من فيتنام عام 1973 (المشاقبة، 2010). ويقوم مفهوم العولمة الإعلامية حسب وجهة النظر الأمريكية على أن تتولى الولايات المتحدة الأمريكية المهمة لتقدم للعالم نموذجها الكوني للحداثة الذي تفرض من خلاله رؤاها وانماط عيشها وآيديولوجياتها الى العالم و" تنميطه " بها انطلاقاً من كونها تملك القوة العسكرية الأعظم و تسيطر على نحو 65 % من من التدفقات الإعلامية في ذلك الوقت ( 1977 ـ 1980 ) الذي أطلق عليه بريجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر اسم العصر " التكنوتروني " الذي يعني عصر تكنولوجيا الإلكترونيات وفي مقدمتها تقنية الاتصالات . وتجد دول العالم الثالث نفسها في كثير من الأحيان مضطرة الى الاستسلام لشروط العولمة ذلك لأنها مضطرة الى اللحاق بركب قطار المعرفة والتقدم التقني السريع والقبول بتبعية القطب الأقوى .. ومن هنا نلاحظ التحول الخطير في الأداء الإعلامي الذي يخدم العادات الاستهلاكية على حساب العادات والقيم والمبادئ .. فعلى سبيل المثال تنحاز كبرى وسائل الإعلام لمن يدفع أكثر فتروج له وتوجه الرأي العام لصالحه طالما أنها تسيطر وتوجه التدفق الإعلامي الى النهايات التي تريدها .. ولكن ذلك لا يعني في النهاية أن العولمة ـ بأشكالها المختلفة السياسية والفكرية والاقتصادية والاعلامية ـ تيار جارف لا يمكن ايقافه .. فهذا التيار يسير باتجاه حلزوني وليس مستقيم ذلك ان التحولات الاجتماعية والثقافية تأخذ فترات طويلة وتتم على مراحل متعددة ، والتغيير في العولمة يتم أيضاً على مراحل مما يوجد نوعاً من التداخل والمقاومة (أبو عرجة، 1996). لقد ترافق العولمة الإعلامية في هذا العصر معظم الحملات الاقتصادية والسياسية والفكرية فهي التي تسبقه لتروج له .. وهي التي تتعامل معه على المستويات التكتيكية التعبوية .. وهي التي ستعزز نتائجه فيما بعد .ويبدو أن ملامح النظام الإعلامي الجديد قد بدأت تتضح أكثر وأكثر مع تقدم قطار العلم والمعرفة .. فقد تجلت مظاهر هذا النظام الإعلامي الجديد فيما يلي :أ. السيطرة على تقنيات وسائل الاتصال وتوظيفها لصالح كبريات وكالات الإعلام الفضائية .ب. أن تقوم هذه الوكالات العالمية باحتكار المعلومة والادعاء بامتلاك الحقيقة "الضحية الأولى للحروب " .جـ. التبعية الإعلامية التي ستقود في النهاية الى التبعية الثقافية والاقتصادية والسياسية .د. التركيز على الخطر غير المرئي .. هذا الخطر الذي لا يمكن انتظاره ليأتينا عبر البحر أو البر .. بل إنه يأتي من الفضاء دون الخضوع لقوانين الرقابة لدى الدول والحكومات .هـ. إبقاء المشاهدين مأسورين لشاشات التلفاز وشاشات اجهزة الحاسب "الكمبيوتر " يستعرضون المحطات والوكالات ومواقع الإنترنت المتعددة (الموسى، 2016).
أثر ثورة المعرفة التكنولوجية في الإعلام
الإعلام بمختلف وسائله أيها الحضور الكرام هو ظاهرة اجتماعية تطورت مع تطور المجتمعات البشرية حتى وصل في أيامنا هذه الى ما يعرف بالمعجزة الإعلامية ، وقد تغير مفهوم الإعلام ووظيفته كوسيلة اتصال لنقل الأخبار والمعلومات والترويج والدعاية الى وسيلة دمار وتخريب واستعمار وغزو ثقافي ومعرفي للشعوب ما لم يستخدم لغاياته الأساسية ..
2. لقد مرّت الظواهر الاجتماعية بشكل عام والإعلام بشكل خاص بعصور تاريخية يمكن إجمالها بما يلي:
أ. عصر العلامات والإشارات .
ب. عصر التخاطب واللغة .
جـ. عصر الكتابة .
د. عصر الطباعة .
هـ. عصر الإعلام .
و. عصر المعلوماتية .
2. دعونا أيها الحضور الكرام نعود وإياكم الى القرن الميلادي التاسع عشر حيث ساعدت ثلاثة اختراعات في ذلك الحين على تعزيز القدرة الاتصالية ، وهذه الاختراعات هي : أجهزة النقل الرئيسية كالخطوط الحديدية .. وظهور التلغراف الذي مكن الإنسان ممن تلقي 20 كلمة في الدقيقة وفق إشارات مورس .. ثم كان اختراع الهاتف من قبل الكسندر غراهام بيل .. لكن الاتصال الأهم في عالم الاتصال كان الموجات التي تحمل نقلاً صوتياً لمسافات طويلة في الهواء دون استخدام الأسلاك ، وأصبح بإمكان الجميع الاستماع الى الرسائل بواسطة الراديو .. وأصبحت الأحداث تنقل الى أي بقعة في العالم لكل البشر ..
17.الفضائيات:ازداد نطاق استخدام الفضائيات على نحو كبير ملحوظ مما جعل حرب تكنولوجيا الاتصالات الحديثة على أشدها وهي التي غطت حرب الخليج الثانية عبر السي ان ان التي لم يكن لها منافس والتي قامت بهذه الحرب مع محطة (الفوكس نيوز ) بالعمل نفسه إلا أنها وجدت منافساً قوياً جداً في الفضائيات العربية وعلى رأسها الجزيرة والعربية وأبو ظبي
2. احتكار الاعلام : يتجلى احتكار الإعلام من خلال الاستحواذ على الوسائل والمواد وفرض الهيمنة الاتصالية المطلقة ، ولو نظرنا الى وكالات الأنباء العالمية لوجدنا أن أربع وكالات كبرى تتحكم في السوق الإعلامية وهي : (الأسيوشيتدبرس ، الفرنسية ، رويترز ، واليونايتد برس ) ، حيث تحتكر هذه الوكالات نحو 90 % من الأخبار العالمية، وهذه الوكالات لها مصادر و شبكات هائلة من بنوك المعلومات والتمويل المادي الهائل في عصر التقدم التقني الذي لم تبلغه دول العالم الثالث بعد ، مما أمعن في فرض الهيمنة الإعلامية ثم الثقافية على هذه الدول (بوجمعة، 2017).
3. ولو تساءلنا أين نحن كعرب أمام هذا الاحتكار الإعلامي لقلنا أننا للأسف ما زلنا في بداية الطريق ، والسبب لا يكمن في تقنية المعلومات ووسائل الاتصال بقدر ما يمكن في فلسفة وأطر آليات عمل الإعلام العربي ، فهو إعلام مكرس للشخصنة ومدح الذات وإيقاع الفتنة .. كما أنه إعلام " متلق " وليس " مبادر " إذ لا تتجاوز نسبة حصة العرب من الصحف 1,4 من الصحافة العالمية مع أن عدد سكان العرب يشكلون نحو 17% من عدد سكان الكرة الأرضية .. حيث يحصل كل 1000 عربي على أقل من 39 صحيفة .. في حين يحصل كل 1000 شخص في دول العالم المتقدم على 330 صحيفة . أما حصة العرب من المواد المطبوعة فتشكل 0,6% ومن الأفلام 1،8% .. ومن المذياع 2,8 %.. والتلفزة 2,7 % .
5. تغطي مساحة الأمية ما نسبة 55 % من السكان العرب .. وهي نسبة محيدة حيال الاعلام المقروء .. وهذه النسبة تتجه الى الاعلام المسموع والمرئي .
6. لأول مرة في تاريخ البشرية يتحكم منتج تقنيات الاعلام الحديثة بعملية تشكيل الوعي المحلي والعالمي .. فبحكم الهوة التكنولوجية بين العالم المتقدم والعالم المتخلف بات في إمكان شطر من البشرية ان يتحكم في تشكيل وعي البشرية بأسرها .. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التطور الحاصل في تقنية البث التلفزيوني والإذاعي وشبكات الكمبيوتر والإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية لتبين لنا كيف تقوم وسائل الإعلام الأجنبية هذه بإحكام طوق التبعية الإعلامية على نحو لم يسبق له مثيل على مجمل الوطن العربي والعمل على انهيار كل سدود الأمن الإعلامي العربي القومي والقطري معاً بشكل مدوٍ ومن ثم دس السم في المادة المبثوثة ومحاولة طرح قيم وأفكار جديدة تصب في معظمها في صالح الاحتكارات الأجنبية ، والوطن العربي سوقاً استهلاكية على الصعد الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة ، ومن هنا جاء تركيز الدول على الإعلام أكثر من تركيزها على السلاح (الجمال، 2000).
1- العولمة الإعلامية والنظام الإعلامي الجديد .
مع تعاظم ثورة الاتصالات وتحويل الكرة الأرضية الى قرية كونية صغيرة غاب فيها حاجز الزمان والمكان .. وظهر في أواخر القرن العشرين مصطلحان : (العولمة GLOBALIZATION ) و ( التدويل INTERNATIONAL ) .. أما العولمة فتعني " سياسة أو سلوك على المستوى العالمي " ،وفي معنى آخر "السياسة الكونية "، ويقال أيضاً " الكوكبة " و" الكوننة " وما إلى ذلك .. وهي مفاهيم تتقارب مع المصطلح الآخر " التدويل " الذي يقصد به كل ما هو أممي أو غير قومي .
لقد قاد المفهوم الذي استحدثه العالم الكندي لوهان وأطلق عليه تسمية أخرى "القرية الكونية " ـ وتنبأ من خلاله تراجع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها مع فيتنام ، إذ أن تصوير تلك الحرب وبثها تلفزيونياً الى القرية الكونية الصغيرة جعل الرأي العام العالمي والأمريكي يتنبه الى الجوانب الأخرى لتلك الحرب وجهها البشع ـ الى جعل الولايات المتحدة الأمريكية تسحب جيشها من فيتنام عام 1973 (المشاقبة، 2010).
ويقوم مفهوم العولمة الإعلامية حسب وجهة النظر الأمريكية على أن تتولى الولايات المتحدة الأمريكية المهمة لتقدم للعالم نموذجها الكوني للحداثة الذي تفرض من خلاله رؤاها وانماط عيشها وآيديولوجياتها الى العالم و" تنميطه " بها انطلاقاً من كونها تملك القوة العسكرية الأعظم و تسيطر على نحو 65 % من من التدفقات الإعلامية في ذلك الوقت ( 1977 ـ 1980 ) الذي أطلق عليه بريجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر اسم العصر " التكنوتروني " الذي يعني عصر تكنولوجيا الإلكترونيات وفي مقدمتها تقنية الاتصالات .
وتجد دول العالم الثالث نفسها في كثير من الأحيان مضطرة الى الاستسلام لشروط العولمة ذلك لأنها مضطرة الى اللحاق بركب قطار المعرفة والتقدم التقني السريع والقبول بتبعية القطب الأقوى .. ومن هنا نلاحظ التحول الخطير في الأداء الإعلامي الذي يخدم العادات الاستهلاكية على حساب العادات والقيم والمبادئ .. فعلى سبيل المثال تنحاز كبرى وسائل الإعلام لمن يدفع أكثر فتروج له وتوجه الرأي العام لصالحه طالما أنها تسيطر وتوجه التدفق الإعلامي الى النهايات التي تريدها ..
ولكن ذلك لا يعني في النهاية أن العولمة ـ بأشكالها المختلفة السياسية والفكرية والاقتصادية والاعلامية ـ تيار جارف لا يمكن ايقافه .. فهذا التيار يسير باتجاه حلزوني وليس مستقيم ذلك ان التحولات الاجتماعية والثقافية تأخذ فترات طويلة وتتم على مراحل متعددة ، والتغيير في العولمة يتم أيضاً على مراحل مما يوجد نوعاً من التداخل والمقاومة (أبو عرجة، 1996).
لقد ترافق العولمة الإعلامية في هذا العصر معظم الحملات الاقتصادية والسياسية والفكرية فهي التي تسبقه لتروج له .. وهي التي تتعامل معه على المستويات التكتيكية التعبوية .. وهي التي ستعزز نتائجه فيما بعد .
ويبدو أن ملامح النظام الإعلامي الجديد قد بدأت تتضح أكثر وأكثر مع تقدم قطار العلم والمعرفة .. فقد تجلت مظاهر هذا النظام الإعلامي الجديد فيما يلي :
أ. السيطرة على تقنيات وسائل الاتصال وتوظيفها لصالح كبريات وكالات الإعلام الفضائية .
ب. أن تقوم هذه الوكالات العالمية باحتكار المعلومة والادعاء بامتلاك الحقيقة "الضحية الأولى للحروب " .
جـ. التبعية الإعلامية التي ستقود في النهاية الى التبعية الثقافية والاقتصادية والسياسية .
د. التركيز على الخطر غير المرئي .. هذا الخطر الذي لا يمكن انتظاره ليأتينا عبر البحر أو البر .. بل إنه يأتي من الفضاء دون الخضوع لقوانين الرقابة لدى الدول والحكومات .
هـ. إبقاء المشاهدين مأسورين لشاشات التلفاز وشاشات اجهزة الحاسب "الكمبيوتر " يستعرضون المحطات والوكالات ومواقع الإنترنت المتعددة (الموسى، 2016).
نقيب مبرمج: ايمان احمد ذياب
كلية القيادة والاركان الملكية